الأربعاء، 25 أبريل 2012

ترجمة Alice in the wonderlands - down the rabbit hole part 1


بدأ الملل يتسلل إلى قلب أليس وهي جالسة بجوار أختها على ضفة البحيرة لا تجد شيئاً لتفعله: مرة أو مرتين اختلست النظر إلى الكتاب الذي تقرؤه شقيقتها ولكنها لم تجد صور أو محادثات "ما نفع الكتاب .. " فكرت أليس "بلا صور ولا محادثات؟"

كانت تفكر ( على قدر الاستطاعة، فقد جعلها اليوم الحار كسولة وغبية ) هل يستحق صنع عقد من الأزهار عناء القيام من موضعها وجمع الأزهار، حينما فاجأها أرنب أبيض ذو أنف وردي يجري بالقرب منها.

لم يكن بالأمر المميز، ولم تعتقد أليس أن قول الأرنب " ياإلهي ياإلهي، سأتأخر على ميعادي" خارج عن المألوف ( حينما فكرت في ذلك لاحقاً، أدركت أنه كان يجب أن تتعجب لذلك، ولكن حينها بدا الأمر طبيعياً ) ولكن حينما أخرج الأرنب ساعة من جيب معطفه ونظر إليها قبل أن يسرع، هبت أليس على قدميها، فهي لم تر من قبل أرنبا يرتدي معطفا أو يملك ساعة يخرجها من جيبه، محترقة بالفضول جرتا عبر الحقل وراءه، ولحسن الحظ في الوقت المناسب لتراه وهو يدلف إلى حجر كبير أسفل السياج.

في لحظة دلفت أليس في أثره، دون أدنى اعتبار لكيفية خروجها لاحقا.
جحر الأرنب كان مستقيماً كالممر وينحرف فجأة إلى أسفل، فجأة لدرجة أن أليس لم تجد وقت لتفكر في التوقف قبل أن تجد نفسها تهوي في بئر عميق.
إما أن البئر شديد العمق أو أن سقوطها شديد البطئ، فقد استغرق السقوط وقتا طويلا جدا أتاح لها مشاهدة ما حولها، ولتتساءل عما سيحدث لاحقاً، نظرت إلى الأسفل لتستطلع ما هي مقبلة عليه، ولكن القاع كان مظلماً فلم تر شيئاً،ثم نظرت إلى جواب البئر، ولاحظت أنها محاطة بالخزانات ورفوف الكتب، هنا وهناك رأت خرائط وصور معلقة على حوامل.

بينما هي تسقط تناولت برطمان من أحد الأرفف، كُتب عليها – البرطمان – "مربى برتقال"، ولكن لسوء الحظ كانت فارغه، لم تشئ أن تُسقط البرطمان خشية أن تقتل أحدهم في الأسفل، ولذلك فقد وضعتها في أحد الخزانات بينما هي تعبر ساقطه.

"حسنا.." فكرت أليس "بعد سقطة كهذه، لن أخشى التعثر على السلالم! كم سيظنوني جريئة في المنزل! لماذا، لن أخبر أحداً حتى لو سقطت من أعلى المنزل( والذي كان احتمالاً وارداً بشدة).

إلى الأسفل، إلى الأسفل، إلى الأسفل. ألن تنتهي هذه السقطة! " كم ميلا سقطت يا ترى؟" قالت بصوت عال. " لابد أني الآن في مكان ما بالقرب من مركز الأرض. لنر: إنها مسافة أربعة ألاف ميلا إلى الأسفل، أعتقد ..." ( كما ترون أليس تعلمت العديد من الأشياء كهذه وغيرها في حجرة الدرس، وعلى الرغم من أنها لم تكن فرصة جيدة لاستعراض معلوماتها، فقد كانت وحدها ولا أحد هنا ليستمع إليها، ولكنها رغم ذلك كان ضرب من ضروب التدريب والمراجعة ) "..أجل، انها تقريبا المسافة الصحيحة، لكن لأي خط طول وعرض وصلت؟ ( أليس لا تعرف ماهية خطوط الطول ولا العرض، ولكنها فكرت في أنها كلمات كبيرة رنانه تحب نطقها. )

بدأت مجددا. " هل يا تُرى سأعبر إلى الجهة المقابلة من الأرض! كم سيبدو مسلياً أن أقابل الناس الذين يمشون ورؤسهم إلى الأسفل! البغضاء، أعتقد .." ( كانت سعيدة أن لا أحد يستمع، فلم تكن متأكدة أن البغضاء هي الكلمة الصحيحة) ".. ولكني سأسألهم عن أسم مدينتهم، عذرا سيدتي، هل هذه نيوزيلندا ام استراليا؟..." ( وحاولت أن تنحني وهي تتكلم- انحناءه غريبة كتلك التي تنحنيها وأنت تسقط في الهواء! هل تعتقد أنك تستطيعها؟) "...ستظنني فتاة جاهلة لأني سألت! لا، لن أسأل أبدا، ربما سأجدها مكتوبة على لوحة معلقة في مكان ما.

الثلاثاء، 10 أبريل 2012

العجوز ( من مجموعة المجنون والقمر )



وفيما الباب يُغلق لمحت أحدهم يحاول اللحاق بالمصعد، فضغطت على زر سريعاً فانعكست حركة مصرعي الباب واخذ يفتح ببطئ. دخل إلى المصعد عجوز ذو عصا منحني الظهر أبيض البشرة أسود العينين، نظر إلي وارتسمت على شفتيه ابتسامة لم أفهم معناها ولكني اعتبرتها " شكراً ".



ضغطت على زر يحمل الرقم 2 وانتظرت أن يختار العجوز طابقاً ولكنه لم يتحرك من موضعه، تحرك المصعد إلى الأعلى حتى وصل إلى الطابق الثاني، توقف المصعد وفتح الباب فوقفت في جانب المصعد لاسمح للعجوز بالعبور أولاً، فتحرك ببطئ وقبل أن يخرج تماماً من المصعد التفت إلي وقال
- " استغل ما تبقى لك من الوقت "، ثم خرج إلى الردهه واتجه يساراً في الممر المؤدي إلى وحدة القلب والأوعية الدموية.



لا أدري ما دفعني إلى أن اتبع العجوز رغم أن وجهتي كانت في الاتجاه المعاكس – يميناً ناحية وحدة السكر والغدد الصماء، ومن شدة انشغالي بالعجوز كدت اصطدم برجل كان يركض في اتجاه المصعد.



وقف العجوز في الممر أمام باب مُغلق كُتب علــيه " الحالات الحرجة "، جلست بجواره – الباب-  امرأه منتقبة لا يظهر منها إلا عيناها الحمروتان الغارقتان في الدمع تنظران في فراغ لا يراه إلا هما، ويد مرتجفة تتعلق بحبال الأمل البالية. التفت المرأة إلي التفاته سريعه - ولكنها لم تهتم بالعجوز -  وسرعان ما عادت إلى ذلك الفراغ ، ولم يهتم العجوز لا بالمرأة ولا بي، وقف أمام الباب على مسافة مترين مستنداً إلى عصاه ساكناً لا يتحرك.



جاء الطبيب فهبت المرأة واقفة وتعلقت بذراعه فربت بالأخرى على كتفها وأجلسها، وفتح الباب فتحة ضيقة جدا "تكاد" تكفي لعبوره كأنما قصد ألا نرى ما يحدث داخل الغرفة، ثم أغلق الباب وراءه.



مضت عشر دقائق على دخول الطبيب لم يتحرك العجوز قط خلالها كأنما على رأسه الطير. تحرك العجوز فجأة ونظر إلى ساعته، ثم تقدم نحو الباب في خطى ثابتة، لم يفتح الباب ولكنه عبر من خلاله كأنما هو باب مصنوع من الماء لا الخشب.



لم يتغيب العجوز في الغرفة إلا ثوانٍ، خرج منها كما دخل من خلال الباب ولكن في صحبته طفل صغير يمسك يديه ويمشي إلى جواره - كاد قلبي يتوقف من المفاجأة - ترك الطفل يد العجوز وتوجه ناحية المرأة الجالسه بجوار الباب وطبع على خدها قبلة طويلة ولكن المرأة لم تتحرك كأنها لا تشعر بقبلة الطفل ولا ذراعه الملفوفة المتعلقه برقبتها كما لم تر العجوز من قبل. دق العجوز بعصاه مرتين فرجع الطفل إليه، ثم بدقتين اخرتين صعدا عبر السقف باتجاه السماء.



مستوحاة من قصة حقيقية

الجمعة، 6 أبريل 2012

اللص ( قصة قصيرة من مجموعة " المجنون والقمر " )



استدعاني المدير إلى مكتبه ليبلغني بأنه قد تم خصم خمسين جنيهاً من المرتب عقاباً لي على تأخُري الدائم، لطالما استدعاني ليمسح بكرامتي أرض مكتبه الفخم ولكنها المرة الأولى التي تمتد يده إلى مرتبي.

كان الخصم هو القشة التي قصمت ظهر البعير؛ فالمرتب بالكاد يكفيني، وخصم خمسين جنيهاً تعني الموت جوعاً، أو الطرد من الشقة، لذلك قررت أن أنفذ الخطة.



لم تكن الخطة إلا دعابة ألقاها أحد أصحابي – العاطلين - الذين لم يرزقهم الله بوظيفة ولكنه رزقهم بالوفير من الحشيش.
جلسنا ذات يوم في جلسة أُنس، وبعد أن دارت السيجارة دورتين ولعب الحشيش بعقولنا أخذت أشكو قسوة الوظيفة، وتعسف المدير، وقلة المرتب، شد صاحبي نفساً طويلاً من السيجارة، سعل سعلتين كادتا تقذفا برأتيه من جوفه، ثم ضحك بدون سبب وقال " مش انت معاك مفتاح الخزينة؟ اسرقها واهرب، بس متبقاش تنسانى لما تزهزه معاك "



ضحكت من الفكرة في بادئ الأمر، عددتها تخريف من تخاريف الحشيش، وتناسيتها باعتبارها مستحيلة التنفيذ، ولكن الفكرة رست في أعماق اللاوعي، وكانت تعاود الظهور على السطح كلما سَمِعتُ شخشخة مفاتيحي، أو رأيت الخزينة الرابضة في زاوية مكتبي.



ما أن أخبرني المدير بخصم الخمسين جنيهاً حتى عاودت الفكرة الظهور، وسيطرت على كل تفكيري، واعتبرتها أمراً واجب لا مفر منه.
بدأ عقلي المنهك وبطني الجوعان في تحويل الفكرة المستحيلة إلى خطة قابلة التنفيذ.



كنت قد تغيبت في يوم التنفيذ عن الحضور إلى العمل بحجة المرض. جلست في القهوة المقابلة للعمارة التي تسكن فيها شركتنا أراقب الموظفين وهم يغادرون إلى أن رأيت عم عبد المولى الفراش فأدركت أن الشركة قد خلت تماماً؛ فالفراش هو أخر من يغادر وأول من يأتي، والوحيد بجانب المدير الذي يملك مفاتيح شقة الشركة.

بعد أن هدأت حركة المارة في الشارع، وزحف الظلام على الشارع والعمارة والقهوة، قمت من مجلسي على القهوة واتجهت نحو العمارة، وقفت في مدخلها متستراً بظلامه أنظر إلى الشارع لأتأكد أن أحداً لا يتبعني أو يشك في تصرفي، فلما لم يلتفت إلي أحد من رواد القهوة المشغولين بأحاديثهم وألعاب النرد اطمأننت إلى ناحية الشارع.
ثم أرهفت السمع إلى داخل العمارة، لأتأكد من خلو السلم إلى الشركة في الدور الثاني، فوجدت العمارة غارقة في الصمت. ألقيت نظرة أخيرة سريعة على الشارع ثم انطلقت في رحلتي إلى الدور الثاني.



أضع على " درابزين " السلم، يدا متعرقة مرتعشة من شدة التوتر، احاول أن استمد الشجاعة من صلابته. أضع اليد الأخرى على صدري كأنما أكتم صوت دقات قلبي العالية السريعة محاولاً منع تسربها من بين ضلوعي. العمرة غارقة في الصمت تكاد جدرانها تردد صدى دقات قلبي.
أصعد السلم في بطئ كأنما أصعد سلم من الدومينوز المرصوص حركة خاطئة وينهار كل شئ، أصعد بحذر كأنما أصعد على السلم الموسيقي سلمة خاطئة ويعزف الكون لحن السجن.



لا أدري هل استغرقني السلم ضعف ما يستغرقني عادة، أم أن احساسي بالوقت كان يترنح تحت تأثير القلق، وصلت إلى باب الشركة، أخرجت المفتاح - الذي كنت قد سرقته من عم عبدالمولى الفراش منذ شهر فكدت اتسبب في طرده وتغيير الأقفال، ولكني ادعيت أني وجدته في اليوم التالي، ولم يفطن أحد إلى الخدعة - وادخلته في ثقب الباب وأدرته.



تأكدت مجدداً أن لا أحد يراني قبل أن أنسل إلى داخل الشقة – الشركة – ، أغلقت الباب من خلفي، انتظرت قليلاً حتى اعتادت عيناي الظلام وبدأت ترى أشباح الأشياء، كنت أحفظ الطريق إلى مكتبي حيث الخزينة عن ظهر قلب، فتحت الباب الحديدي الذي يميز غرفة الخزينة عن باقي الغرف ثم الباب العادي ودلفت إلى الغرفة.

وقفت أتأمل شبح الخزينة في الظلام، أخترت مفتاح الخزينه، وتقدمت ناحيتها، جثوت على ركبتي، ادرت القرص الأسود دورات محسوبه هي الرقم السري الذي لا يعرفه غيري أنا وزميلي في الغرفة ومدير الشركة، أدخلت المفتاح في ثقب الخزينة وأدرته، ثم أمسكت بالمقبض المعدني وفتحت الباب.



رأيت الأموال مرصوصة على أرفف الخزينة فسرت في جسدي نشوة الوصول، تأملتها قليلاً قبل أن أخرج شنطة " هاند باج" من تحت معطفي وأضعها مفتوحة على الأرض أمام الخزينة، ما أن امتدت يدي إلى أول رزمة حتى سمعت صوت من خلفي يصرخ " توقف !! " إلتفت مفزوعاً فإذا هو .... ضميري.


الخميس، 5 أبريل 2012

السمك ( قصة قصيرة جدا من مجموعة " المجنون والقمر " )




جلس أمام الورقة البيضاء الموضوعه على المكتب ممسكاً بقلم أزرق.


يسبح بعينيه من وراء حدود الغرفة في بحر الخيال.





تتحرك عيناه في كل الأتجاهات، كأنها عينا غريق يبحث عن شئ ليتعلق بها.





يظن أنه وجد ضالته؛ فتَثبُت عيناه وينعقد حاجباه. يضع القلم على السطر الاول - يحاول أن يصطاد بسن القلم، ولكن الهدف ينسل من بين سطور الورقة فلا يكتب شيئاً.





يعود إلى وضعه الأول وتتكرر الدورة عدة مرات – تدور العينان، ثم تثبتان وينعقد الحاجبان، فيضع القلم ثم يرفعه دون أن يلطخ بياض الصفحة إلا نقطة حبر واحدة.





منذ ساعة جلس على الكرسي ورمى بالشبكة في بحر الخيال، ولكنه كلما سحبها وجدها خالية على الرغم من امتلاء البحر بألوان السمك.





طال الانتظار.


سأم الانتظار.


يغطي القلم، ينهض من على الكرسي، ويترك البحر على أمل أن ينجح غدا، وما أن يغادر حتى تمطر السماء سمكا

الأحد، 1 أبريل 2012

الفانوس ( قصة أخ وقلم وستارة )


سلمت القاضي المسؤول عن تنظيم العملية الانتخابية بطاقتي الشخصية فأعطاني ورقة الانتخاب. اتجهت إلى الموظف المسؤول عن سجل الأسماء على يمين القاضي وبحثنا عن اسمي حتى وجدته فقمت بالتوقيع في الخانه المقابلة له، ثم اتجهت إلى زاوية الفصل حيث وُضعت منضده مربوطٌ إليها قلم، و عُلقت ستارة زرقاء ليختبئ الناخب خلفها من عيون المتطفلين خاصة نواب المرشحين.

أغلقت الستارة من خلفي، وضعت الورقة على المنضدة وامسكت القلم، وفي حركة أليه كأنما يتحكم في يدي شخص آخر وضعت القلم في الخانة المقابلة لرمز الفانوس ورسمت العلامة، لكن القلم لم يرسم شيئاً، حاولت مرة أخرى لكن الورقة ظلت بيضاء كما استلمتها، رفعت القلم إلى مستوى عيني فوجدته قد جف حبره.
تذكرت زيارة ( أبو اسحاق ) إلى كليتنا، تذكرت بعض النقاط التي أعجبتني في برنامجه الانتخابي، وبعض الكلمات التي تسللت عبر أذني وزغزغت أحاسيسي، ولكن صورة ( الآمر ) في مؤتمره الصحفي الشهير ظهرت أمامي، ورنت كلاماته " رشحنا ( خيري الناجح ) وتدعمه الجماعه ".
 فتحت الستارة ونظرت إلى القاضي ممسكاً بالقلم ثم قلت " القلم خلص عايز قلم تاني "، فأشار إلى الموظف الجالس إلى يمينه فقذف إلي بقلم قائلاً " ابقى سيبه عندك ".

لم يصل القلم إلى يدي ووقع على الأرض، ألتقطته ثم عدت إلى ما وراء الستارة، كررت على نفسي قسم الجماعه، وفي حركة أليه وضعت القلم في الخانة المقابلة لرمز الفانوس ورسمت العلامة، لكن القلم لم يرسم شيئاً، حاولت مرة أخرى لكن الورقة ظلت بيضاء كما استلمتها، رفعت القلم إلى مستوى عيني فوجدت سنه قد غار بسبب وقوعه على الأرض.
طافت أمام عيني ذكرى حملة تأييد ( الدكتور عبدالفتاح ) التي أقامها بعض زملاؤنا المؤيدون في الكليه، أذكر أني شاهدت على شاشة العرض بعض مواقفه التي أثارت اعجابي بالاضافة إلى بعض الأفكار المثيرة التي أثارت اهتمامي، وخاصة أنه كان عضواً سابقاً في جماعتنا، لم أفكر كثيراً في احتمالية ترشيحه أم لا فقد كنت أنتظر أوامر الآمر والتي ستعفيني من الحيرة.
فتحت الستارة ونظرت إلى القاضي ممسكاً بالقلم ثم قلت " القلم دا خربان عايز قلم تاني "، فنظر إلي في تشكك وقال " أنت هتشتغلنا ولا ايه ؟ احنا مورناش غيرك ؟؟ "، وأشار إلى الموظف ليمدني بقلم أخر.

قام الموظف وكان زائد الوزن بشكل ملحوظ، فذكرني بزميل لي من المتعصبين للمرشح ( حمدي ) والذي كان كثيراً ما يردد كلماته – حمدي -المشهورة بلسانه وجسده معاً، فكان وجهه يحمر من الحماسه، ولحمه يهتز من التأثر، وقد كان لاسلوبه المثير فضل عظيم في متابعتي للقاءات التلفزيونيه ل( حمدي ) حتى أني لا أنكر تأثري أحيانا بكلامه فاتحمس له وإن لم أصل إلى جنون زميلي.
تناولت القلم وعدت إلى خلف الستارة، ولكن قبل أن أضع القلم على الورقة حاولت الكتابه على المنضده لأتأكد أن القلم يعمل.

وضعت القلم في الخانة المقابلة لرمز الفانوس، ولكن هذه المره أنا من توقف لا القلم، طنت في رأسي التساؤلات " هل أنا مقتنع بهذا الاختيار ؟ هل هو اختيار ناتج عن اقتناع أم عن اتباع ؟ هل أتحمل هذا الاختيار أمام الله ؟ هل أتحمل تأنيب الضمير فيما بعد ؟ هل أضيع هذه الفرصة لاشارك مشاركة فعالة في اختيار مهم كالذي أمامي ؟ هل الناجح هو الخيار الأصوب ؟ من هو الأفضل من وجهة نظري أنا ؟ " أخذت تروس عقلي تعمل ترساً تلو الأخر، حاولت صرخات ( الآمر ) في زاوية رأسي أن توقف استيقاظ عقلي وأن تعيدني إلى القطيع ولكن صوتها كان ضعيفاً أمام الصوت الصادر من احتكاك أجزاء عقلي التي عادت للعمل بعد توقف طويل.