الاثنين، 8 أكتوبر 2012

مسرح العرائس


كأني دمية في مسرح العرائس، لي عقلي الخاص ولكن لا سلطان لي على أطرافي التي تطيع أوامر خيوط خفية تتحكم فيها يد شيطانية.

سن الخامسة 
أستيقظ بعد منتصف الليل على صوت صرخة، أخرج سريعاً من غرفتي، الصالة مظلمة كالعادة في هذا الوقت، يتمدد على الأرض مستطيل من الضوء أت من باب غرفة المكتب المفتوح على غير العادة، أسمع صوت نحيب مكتوم، أتقدم ببطئ باتجاه المكتب، أنظر إلى الداخل فأبول على نفسي.

سن السابعة عشر
أجلس في الصالة أشاهد التلفاز وقد كتمتُ صوته، أسمع صوت ولوج مفتاح في باب الشقة فأغلق التلفاز وأهب راكضاً إلى غرفتي حيث أجلس على المكتب أمام الكتاب المفتوح مسبقاً ويعلو صوتي بالقراءة مع دخول أمي إلى الشقة.
تتجه أمي إلى التلفاز تفتحه لثواني ثم تغلقه، اللعنة لقد نسيت أن أشغل الصوت، أسمع صوت قدميها تقترب من الغرفة قبل أن تظهر من الباب وعلى وجهها ابتسامة عتاب ..
- " والله العظيم كانوا خمس دقايق بشوف نتيجة الماتش"
- " أنت مش وعدتني متفتحوش ؟؟ "
- " ما هو أنا عمليا مفتحتوش، أنا قعدت على الكرسي بالصدفة قعدت على الريموت اشتغل التلفزيون "
- " ويا ترى الصوت اتكتم في نفس القعدة ولا دي قعدة تانية ؟؟ يا ابني أنا معدش ليا غيرك بعد أبوك الله يرحمه، أنت أملي في الدنيا دي، كلها اسبوعين وتخلص الثانوية وتدخل جامعة وابقى اعمل اللي أنت عايزة، أنا هاشيل التلفزيون وهأحطه في قوضة المكتب."
- " قوضة المكتب ؟!! "
.. اثنى عشر عاماً لم نقترب تلك الغرفة، كأنها لا تتبع شقتنا، بقي بابها دائما مغلقا بالمفتاح، نسيناها أو تناسيناها، تركناها وكراً لتلك الشياطين التي قتلت أبي.
- " اتناشر سنة كفاية قوي " ابتسمت ابتسامة أسى وغادرت.
خجلت أن أسألها وماذا عن الشياطين، أعرف أنها محض قصة أُخبرتُ بها صغيرا لأبتعد عن الغرفة، ومع العمر رفضها عقلي ولكن قلبي لايزال مؤمن بها.
حاولت العودة إلى المذاكرة، حاولت التركيز في امتحان الغد، غدا تبدأ المعركة، معركة المصير، أول خطوة في طريق المستقبل، ولكن سرعان ما كان عقلي يعود إلى تلك الغرفة اللعينة، أي شر سيخرج منها الليلة، أي شيطان سيخرج ليعبث بي كما عبث بأبي من قبل.

بعد شهر
نتيجة الثانوية العامة : 85%
يد باردة تتسلل إلى صدري، تقبض على قلبي أحسه بطئاً حزيناً يضخ دماً أسوداً يحمل رائحة الموت إلى روحي، يد تزرع بذرة الشقاء في عقلي، تضع غشاوة سوداء أمام عيني، وتخلق سحابة رمادية التهمت قرص الشمس.
 سأعيش إلى الأبد في الظلمات. 
تقوضت الأحلام فوق رأسي لأُدفن حياً تحت أنقاضها، احرقوا الأنقاض.
سأعيش إلى الأبد أحمل رائحة جثث أحلامي وأحلام أمي.

... يتبع  

هناك 4 تعليقات:

  1. رائع في الوصف ،، حلوة ومستني أشوف الباقي عشان أفهم آخر فقرة دي

    ردحذف
  2. اوعى تدخل طب أديني حذرتك دي لعنة لعنة لعنة #الشيطان الي جوه القوضة بينصحه :) حلوة

    ردحذف
  3. الله .. ممتازة البداية .. و منتظر :D

    ردحذف
  4. بداية هايلة لقصة شكلها مؤثرة

    ردحذف