الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

مشاعر


الشعور الأول


حارة قذره, بيوت عتيقة, وجوه اعياها الفقر, وأنصاف اجساد, البيت المجاور لمحل الحلاق, بيت مكون من طابق واحد, مبني من
الطوب اللدن, يطل على الحاره بشباك ونصف باب,سقفه من القش, الأم تقف أمام الباب تنشر الغسيل على حبال مشدوده في واجهة المنزل, أطفالها يلعبون أمام المنزل وأمامها .
الأب يعمل فلاحا, يقسم الأرض بفأسه, الجو حار وشمس الظهيرة لا ترحم, يعتدل الأب, ينظر إلى الشمس, يمسح عرقه, يترك الفأس في وسط الأرض ويتجه إلى ظل الشجرة الساكنه عند أطراف الأرض, ينام .
يتجه الأب ساعة العصاري إلى البيت, يرى الأطفال أباهم من بعيد يحمل أكياسا, يركضون نحوه فرحين مهللين, تقف الأم على باب البيت, تعلو وجهها ابتسامة رضا, يساعد الأبناء أباهم في حمل الأكياس, تلتف العائله حول الطبلية, تضع الأم حلة المعمر ونصف دكر البط و عدد من البيض, الليلة عيد والكل سعيد .
صوت طرق على الباب, يتوقف الجميع عن الأكل, يلتفت الأب إلى نصف الباب, يظهر محمد ابنه البكر, تهب العائلة جميعا واقفة تستقبل العائد الزائر, يقبل محمد يد ابيه الملطخه بدهن طعام ام محمد, يقبل اخوته وامه, يجلس إلى الطبليه, تصر الأم ان يأخذ نصف نصف البطه,يرفض, تصر, يرفض, تصر, يأخذ.
تعلوا وجه الأب ابتسامة رضا, لم يضع مجهوده وتضحياته سدا, ينظر إلى ابنه الطبيب, ينسى تعب السنين, ينسى قذارة الحارة, ينسى الفقر, ولا يتبقى في القلب إلا الفخر .    



الشعور الثاني


ترتدي الأم الأسود, تبكي وهي تساعد ابنها الصغير على ارتداء ملابسه, انتقت لهذه المناسبه الأفضل, قميص ابيض برابطة عنق حمراء صغيره و شورت كحلي, يزداد البكاء وهي تساعده على ربط رباط حذاءه الأسود .
ترتجف يد الأم على المقود, ما زالت تبكي, ينظر إليها الطفل, ما زال صغيرا ليدرك, يناولها منديلا لتجفف دموعها, تتناول المنديل ويزداد البكاء .
الاستقبال مزدحم, الأطباء يصرخون, المرضى يصرخون, ما زال الطفل صغيرا ليدرك, يتشبث بعباءة امه, ما زالت الأم تبكي, تعب الاستقبال من ثم إلى ردهة طويله هادئه نسبيا, ثم إلى غرفة المريض رقم 167, تطرق الباب, تحمل الطفل, تفتح الباب, تبكي, تدخل الغرفة .
انتبه المريض إلى دخول الزوجة, يحاول الاعتدال في جلسته, يحاول الابتسام, يحاول رفع يديه ليستقبل ابنه في حضنه رغم الألم, يميل الطفل إلى حضن ابيه, يتلقفه الأب ويقبله, تجهش الأم بالبكاء, ينظر إليها الأب المريض نظرة عتاب يخالطها عطف, تحاول الأم ان تتماسك .
الأم على الكرسي, الأب على السرير, الأبن في حضن ابيه, يلتفت الأب إلى الأم وهو يداعب رأس ابنه ثم يقول " الدكتور قالي ان كلها يومين واستريح, اتوصي بالواد ومتحرمهوش من حاجه " تجهش الأم ببكاء شديد, يلتفت الاب إلى ابنه ويقول " اتوصى بامك يا محمد دي ملهاش في الدنيا غيرك " .
تسكن الأصوات إلا نحيب الزوجه, ويعصر الحزن القلوب 

يتبع 

هناك 4 تعليقات: