الأربعاء، 28 سبتمبر 2011

الساحر


جلس العجوز على مقعدة المعتاد في الحديقة العامة, مقعد خشبي قديم لطالما كان مجلس العجوز في نفس الوقت من كل يوم طوال العقدين الماضيين, يأتيه بعد صلاة العصر يجالس كتابا حتى اذا بدأت السماء تنفض زرقة النهار لتكتسي بحمرة الغروب, أغلق كتابه وتمتع بالمنظر, فإذا أظلمت تناول عصاه وترك مقعده واتجه الى بيته .

في أحد الأيام, انهى العجوز كتابه باكرا, فأغلقه ووضعه إلى جواره, وجلس منتظرا الغروب يتسلى بمشاهدة الحديقة وزوارها من مجلسه, وفي اثناء انتظاره, اذا بطفل في السابعة من العمر يتقدم ناحيته ويجلس على المقعد القديم الى جواره, نظر العجوز الى الطفل وابتسم, فابتسم الطفل بدوره .
" ما  اسمك ؟؟ " سأل العجوز الطفل
" ثعيد " رد الطفل, فضحك العجوز, فضحك الطفل .
" اتحفظ السر يا سعيد ؟؟!! "
" ثر ؟؟؟!!! "
" اجل, عندي سر خطير لا يعرفه احد, أنا ساحر. " اندهش الطفل وتحمس, اتسعت عيناه وقال في عجب  
" ثاحر !!!!! "
" أجل . " اخذ الصبي ينظر الى العجوز بعيون المتسائل, فاكمل العجوز حديثه
" استطيع أن أتنقل عبر الزمن, لقد عدت الى الماضي فعايشت أناسا ماتوا, فصاروا لي اصدقاء, ازورهم في بيوتهم, ونسهر معا على المقاهي, اتدري لقد تناولت الغذاء مرةً مع سعد زغلول " فاندهش الصبي وقال
" ثعد ذغلول !!!! "
" اجل, بل عدت الى ما قبل سعد زغلول, لقد ساعدت الفراعنه في بناء الأهرامات, وغزوت العالم مع الاسكندر, راقبت المسيح في رحلته المقدسه, وحررت القدس مع عمر بن الخطاب, وثرت مع ثوار فرنسا, وشاهدت دمار الحرب العالمية الاولى والثانيه. " فتسأل الصبي
" اذا فأنت تبلغ من العمر ملايين الثنين ؟؟؟ " فضحك العجوز واكمل
" ولم يقتصر سحري على الماضي, فقد زرت المستقبل, ورأيت كيف يعيش الناس تحت البحار, وزرت تلك المدن التي تطفوا في الفضاء, ورأيت اختراعات لن نعرفها الا بعد قرون, وأكلت حلوى من المريخ, سوف تحب طعم حلوى المريخ . " فاضحك الفتى وقال
" أنا أحب الحلوى . " فتبسم العجوز وأكمل
" كما لم يقف الزمان عائقا لقدراتي, فالمكان ايضا انحنى لها, فقد زرت معظم مدن العالم, واعرف عن حواري باريس ما لا يعرفه بعض الباريسيون انفسهم, زرت لندن واختنقت بضبابها, زرت روما والفتيكان, تهت في صحاري العرب اياما وايام, عرفت البدو وحيوناتهم, وعرفت جميلات العالم على الشواطئ المختلفه . " ثم اكمل
"ركبت الصاروخ مسافرا الى المريخ, وركبت الجمال راحلا الى القدس, طرت على اجنحة الصقور الى اعالي السماء, وأخذتني الحيتان الى قاع المحيط . " ازدادت دهشة الصبي وهو يسمع الى قصص العجوز الساحر, ثم أكمل العجوز
" لي أصدقاء في كل مكان ومن كل زمان, نقضي معا اوقاتا جميله هادئه, واوقاتا قبيحه عصيبه, ربما قدمني أحدهم الى عشيقته, وربما استعان بي الاخر في محاربة عدوه, أصدقائي منهم الأبرار ومنهم الأشرار, ولكنهم جميعا اصدقائي اعرف عن الواحد منهم ما ربما لم يعرفه اباه . "
" عشت حينا ملكا وعشت حينا صعلوكا, في زمان غابر كنت فلاحا شابا, وفي ااخر كنت ارستوقراطيا عجوزا, اقدر ان اكون أي شخص في هذا العالم, ان احيا اي حياة, لا يحدني زمان, ولا يقيدني مكان ." ثم نظر العجوز الى الصبي وسأله
" أتريد ان اعلمك كل قدراتي ؟؟ " هز الفتى رأسه ايجابا يخالطه رجاء فناول العجوز الفتى الكتاب 
" أتدري لقد كنت استعمل قواي الخارقه منذ قليل لأزور مدينة مصرية قديمة أتعرف ما هي ؟؟  " فتناول الفتى الكتاب وتهجأ عنونه المكتوب بخط ذهبي عريض
" أثوان  !!! " ...............................................................تمت  

.

هناك تعليقان (2):