الأحد، 1 أبريل 2012

الفانوس ( قصة أخ وقلم وستارة )


سلمت القاضي المسؤول عن تنظيم العملية الانتخابية بطاقتي الشخصية فأعطاني ورقة الانتخاب. اتجهت إلى الموظف المسؤول عن سجل الأسماء على يمين القاضي وبحثنا عن اسمي حتى وجدته فقمت بالتوقيع في الخانه المقابلة له، ثم اتجهت إلى زاوية الفصل حيث وُضعت منضده مربوطٌ إليها قلم، و عُلقت ستارة زرقاء ليختبئ الناخب خلفها من عيون المتطفلين خاصة نواب المرشحين.

أغلقت الستارة من خلفي، وضعت الورقة على المنضدة وامسكت القلم، وفي حركة أليه كأنما يتحكم في يدي شخص آخر وضعت القلم في الخانة المقابلة لرمز الفانوس ورسمت العلامة، لكن القلم لم يرسم شيئاً، حاولت مرة أخرى لكن الورقة ظلت بيضاء كما استلمتها، رفعت القلم إلى مستوى عيني فوجدته قد جف حبره.
تذكرت زيارة ( أبو اسحاق ) إلى كليتنا، تذكرت بعض النقاط التي أعجبتني في برنامجه الانتخابي، وبعض الكلمات التي تسللت عبر أذني وزغزغت أحاسيسي، ولكن صورة ( الآمر ) في مؤتمره الصحفي الشهير ظهرت أمامي، ورنت كلاماته " رشحنا ( خيري الناجح ) وتدعمه الجماعه ".
 فتحت الستارة ونظرت إلى القاضي ممسكاً بالقلم ثم قلت " القلم خلص عايز قلم تاني "، فأشار إلى الموظف الجالس إلى يمينه فقذف إلي بقلم قائلاً " ابقى سيبه عندك ".

لم يصل القلم إلى يدي ووقع على الأرض، ألتقطته ثم عدت إلى ما وراء الستارة، كررت على نفسي قسم الجماعه، وفي حركة أليه وضعت القلم في الخانة المقابلة لرمز الفانوس ورسمت العلامة، لكن القلم لم يرسم شيئاً، حاولت مرة أخرى لكن الورقة ظلت بيضاء كما استلمتها، رفعت القلم إلى مستوى عيني فوجدت سنه قد غار بسبب وقوعه على الأرض.
طافت أمام عيني ذكرى حملة تأييد ( الدكتور عبدالفتاح ) التي أقامها بعض زملاؤنا المؤيدون في الكليه، أذكر أني شاهدت على شاشة العرض بعض مواقفه التي أثارت اعجابي بالاضافة إلى بعض الأفكار المثيرة التي أثارت اهتمامي، وخاصة أنه كان عضواً سابقاً في جماعتنا، لم أفكر كثيراً في احتمالية ترشيحه أم لا فقد كنت أنتظر أوامر الآمر والتي ستعفيني من الحيرة.
فتحت الستارة ونظرت إلى القاضي ممسكاً بالقلم ثم قلت " القلم دا خربان عايز قلم تاني "، فنظر إلي في تشكك وقال " أنت هتشتغلنا ولا ايه ؟ احنا مورناش غيرك ؟؟ "، وأشار إلى الموظف ليمدني بقلم أخر.

قام الموظف وكان زائد الوزن بشكل ملحوظ، فذكرني بزميل لي من المتعصبين للمرشح ( حمدي ) والذي كان كثيراً ما يردد كلماته – حمدي -المشهورة بلسانه وجسده معاً، فكان وجهه يحمر من الحماسه، ولحمه يهتز من التأثر، وقد كان لاسلوبه المثير فضل عظيم في متابعتي للقاءات التلفزيونيه ل( حمدي ) حتى أني لا أنكر تأثري أحيانا بكلامه فاتحمس له وإن لم أصل إلى جنون زميلي.
تناولت القلم وعدت إلى خلف الستارة، ولكن قبل أن أضع القلم على الورقة حاولت الكتابه على المنضده لأتأكد أن القلم يعمل.

وضعت القلم في الخانة المقابلة لرمز الفانوس، ولكن هذه المره أنا من توقف لا القلم، طنت في رأسي التساؤلات " هل أنا مقتنع بهذا الاختيار ؟ هل هو اختيار ناتج عن اقتناع أم عن اتباع ؟ هل أتحمل هذا الاختيار أمام الله ؟ هل أتحمل تأنيب الضمير فيما بعد ؟ هل أضيع هذه الفرصة لاشارك مشاركة فعالة في اختيار مهم كالذي أمامي ؟ هل الناجح هو الخيار الأصوب ؟ من هو الأفضل من وجهة نظري أنا ؟ " أخذت تروس عقلي تعمل ترساً تلو الأخر، حاولت صرخات ( الآمر ) في زاوية رأسي أن توقف استيقاظ عقلي وأن تعيدني إلى القطيع ولكن صوتها كان ضعيفاً أمام الصوت الصادر من احتكاك أجزاء عقلي التي عادت للعمل بعد توقف طويل.
 



هناك 3 تعليقات: